Main menu

Pages

حالة من الرعب تصيب كل سنة أساتذة التعليم الثانوي المكلّفين بمراقبة امتحان الباكالوريا والسبب الخوف من بطش بعض التلاميذ الذين يرغبون في النجاح بالقوّة


حالة من الرعب تصيب كل سنة أساتذة التعليم الثانوي المكلّفين بمراقبة امتحان الباكالوريا والسبب الخوف من بطش بعض التلاميذ الذين يرغبون في النجاح بالقوّة.

أسرّ المخرج المسرحي وأستاذ التعليم الثانوي الفنان حسام الساحلي بأنه أُجبر على الاستعانة بأعوان من الحرس الوطني لمغادرة المعهد الذي راقب فيه امتحانات الباكالوريا في السنة الفارطة والسبب أن أحد التلاميذ والمرشحين لنيل شهادة الباكالوريا هدّده بتعنيفه هو وزميلته إن لم يتركاه يقوم بعملية غش على مرأى ومسمع منهما كأساتذة ومن بقية التلاميذ الذين كانوا يجرون معه اختبارات امتحان الباكالوريا.
وإن أصاب الخوف والذعر الاستاذة المسكينة فإن محدّثي تمسّك بتطبيق القانون وإن كان يعلم في قرارة نفسه أن ذلك التلميذ المعروف ببطشه وميله للعنف كان جادا في تهديده.
والحقيقة أن ظاهرة التهديد لأساتذة مراقبة امتحانات الباكالوريا استفحلت بعد الثورة نتيجة الانفلات الأمني الذي عاشته ولا زالت تعيشه مناطق عديد من البلاد وهو ما دعا بالنقابة العامة للتعليم الثانوي الى مطالبة وزارة التربية بتوفير الحماية للأساتذة وهذه النقطة مدرجة ضمن المطالب النقابية للقطاع فبالاضافة الى ما يتعرّض له رجال التعليم خلال السنة المدرسية من اعتداءات بالعنف المادّي واللفظي فإن الظاهرة تأخذ منعرجا خطيرا خلال فترة الامتحانات وخاصة امتحانات الباكالوريا التي يعرف التلميذ جيّدا أنها ستحدّد مصيره ومستقبله لذلك لا يتوانى بعض التلاميذ من الفاشلين في استعمال جميع الوسائل المتاحة بما في ذلك العنف لنيل شهادة الباكالوريا.
وجاء في تقارير جمعياتية وأمنية أن أكثر من خمسين أستاذ تعليم ثانوي تعرّضوا خلال دورة الباكالوريا للسنة الماضية الى اعتداءات من طرف تلاميذ تعمّدوا الغش في الامتحانات وتصدّى لهم الأساتذة بكل حزم.
وعادة ما يطلب التلميذ صراحة وبكل وقاحة عند بداية الامتحان من الاستاذ المراقب الاستعانة بورقة أو وثيقة جلبها معه للقيام بعملية الغش وحين يرفض الاستاذ ذلك يتم تهديده بأنه سيتعرّض الى ما لا يحمد عقباه حين يغادر المعهد وتقريبا ينفّذ التلميذ تهديده إذ حدث فعلا أن انتظر مجموعة من التلاميذ أحد الاساتذة أمام معهد يقع في مدينة طبربة بعد أن تسلّحوا بالحجارة لتهشيم سيارته ولولا تدخل بعض الأولياء لحدثت الكارثة.
وإن كان حظ هذا الاستاذ سعيدا فإن ما تعرّضت له استاذة مراقبة في معهد يقع بالضاحية الجنوبية للعاصمة وتحديدا في ولاية بن عروس يعكس خطورة المسألة إذ هاجمها تلميذ وتلميذة منعتهما من الغش بشفرة حلاقة محاولين تشويه وجهها لكنّ الاعتداء لم يخلّف لها سوى بعض الجروح في يدها.
وبالعودة الى تشريح الظاهرة من وجهة نظر علم النفس يعتبر المختصّون في هذا المجال أن هذه الفئة من التلاميذ لهم نزعة إجرامية ويعتبرون أن العنف وسيلة مثل غيرها للوصول الى مبتغاهم ويفسّر علماء النفس هذا السلوك بالبيئة الاجتماعية لهؤلاء التلاميذ وهي بيئة عادة ما تشجّع على العنف وعلى الحلول السّهلة لتحقيق الأهداف وهذا النوع من التلاميذ يستعملون العنف في كل شيء تقريبا في غياب تأطير أسري إذ عادة ما يكون أولياؤهم من الأميين ومن محدودي الدخل وفي المقابل يرى علماء  النفس أن هناك فئة أخرى من التلاميذ تعمد الى الغش في الامتحانات واستعمال العنف نتيجة الضغط الكبير المسلّط عليهم من طرف أوليائهم فيتحول الخوف من الفشل عندهم الى عقدة نفسية فيصبح العنف عندهم سلوكا شرعيا ضد كل من يقف حاجزا بينهم وبين النجاح في الامتحانات وعادة ما يكون هذا الحاجز الأستاذ المراقب.
وليست  الظاهرة مقتصرة على التلاميذ فقط بل انخرط فيها كذلك بعض الأولياء وخصوصا الأمهات، فقد تعرّضت أستاذة تدرّس في معهد يقع في حي ابن خلدون بتونس العاصمة الى اعتداء من قبل أم أحد التلاميذ هاجمتها داخل الفصل وأحدثت لها أضرارا في كامل مناطق جسمها والسبب منع الأستاذة الضحية للتلميذ وهو ابن الأم المعتدية من الغش في الامتحانات.
وفي الجامعة التونسية تعرّض أستاذان جامعيان يدرّسان في كلية الحقوق خلال شهر ماي الفارط الى اعتداءين كانا بطلهما أحد الطلبة الذي استعمل سكينا لتعنيف الأستاذين المذكورين بسبب فشله في اجتياز امتحانات آخر السنة أما الحادثة المفزعة والتي شكّلت القطرة التي أفاضت الكأس فهي تلك التي استهدفت حارس كلية الحقوق الذي منع أحد الطلبة من التسلل الى القاعة التي توجد فيها مواضيع الامتحانات النهائية فكان مصيره أن تعرّض الى طعنات بواسطة سكين كادت أن تودي بحياته.
هذا الوضع الخطير دفع بنقابات التعليم الى مطالبة السلطات بتوفير الحماية لرجال التعليم ولا نعلم إن كانت الحكومة قد اتخذت فعليا ما يلزم من اجراءات لحماية الأساتذة المراقبين لامتحانات الباكالوريا ناهيك أنه لم تعد تفصلنا عن دورة 2013 إلا أيام معدودات.

reactions

Commentaires

table of contents title