أعظم الأسباب المؤدية لأكل أموال الناس بالباطل.(الرشوة)
لا
شك أن الرشوة وهي: بذل المال أو المنفعة لإبطال حق أو إحقاق باطل حرمها
الله في كتابه الكريم وحرمها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة؛
وذلك لأنها من جملة أكل أموال الناس بالباطل التي نص الله عز وجل عليها
بقوله: {وَلَا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى
الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188]، فإنها من أعظم الأسباب المؤدية لأكل أموال الناس بالباطل.
ولا شك أن الله عز وجل قد جعل الأموال معصومة من التعدي عليها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه» [مسلم: (4/1986) (2564)، أبو داود: (2/686) (4882) عن أبي هريرة]، فالمال محرم لا يجوز التعدي عليه، ولا أخذه إلا من حله، ووضعه إلا في حله، ولا شك أن الظلم في الأموال من أعظم الظلم.
ولا
شك أن للرشوة أضراراً خطيرة على المجتمع، فهو كما أنه من أعظم الذنوب
الجالبة لغضب الرب جل وعلا وجلب العذاب على المجتمعات التي تنتشر فيها، فهو
أيضاً سبب للخسران في الدارين، وفيه أيضاً فساد عريض.
فلو
تأملت حال الرشوة وأضرارها لعلمت ما فيها من خطر عظيم على المجتمع إذ يؤدي
إلى ضياع حقوق الناس وخصوصاً الفقراء والضعفاء، ويؤدي إلى تسلط الأغنياء
على الفقراء وضياع حقوقهم.
وأيضاً
انتشار الرشوة بين الناس في قضاء الحاجات, وفي الوظائف وفي المعاملات يؤدي
إلى أن العامل يقصر في عمله ويؤخر ويماطل رجاء أن يتحصل على هذا المال،
وهو يؤدي أيضاً إلى فساد آخر وهو ضياع الحقوق ضياع الأوقات، وعدم القيام
بالواجبات، والإخلال بالمسئوليات إلى غير ذلك من الآفات.
أيضاً
تصبح العلاقة بين الناس علاقة مادية بحتة, وتختفي العلاقات الإنسانية
المبنية على الإحسان وعلى بذل المعروف؛ فيصبح الإنسان ينتظر إذا قدم خدمة
أن يُقدم له مقابل لها.
أيضاً
لا شك أن فيه خطر على الدولة وعلى المجتمع، فالأنظمة تصبح عرضة لعدم
التطبيق، مادام أن الموظف ينتظر أنه لا يطبق أمراً إلا إذا قدم له، أو أنه
ربما أخل بواجبه أو ما يكلف به بسبب هذا، فيحصل بلا شك في الحقيقة فساد
عريض.. فساد اجتماعي وفساد للأخلاق, وتختفي المعاملات الإنسانية والشفقة
والرحمة، وينتشر الحقد والكراهية والبغضاء؛ لأنه يصبح الناس يتعاملون
بالمصلحة ولا يتعاملون بالأخلاق، وهناك أضرار كثيرة ومتعددة.
Aucun commentaire